رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي لـ"العربي الجديد": محطة مصراتة لا تنافس قناة السويس
قال رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي، مرتضى قرنفيل، لـ"العربي الجديد" إن الأزمة الاقتصادية في ليبيا أكبر وأخطر من الأزمة الأمنية، مشيرا إلى أن "محطتنا اللوجستية في مدينة مصراتة الليبية تدعم قناة السويس ولا تنافسها".
وأكد في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد" أن "تركيا بدأت فعليا في إنشاء قاعدة لوجستية في مدينة مصراتة (غرب ليبيا) وأنها ستكون داعمة لقناة السويس المصرية من وجهة نظر تجارية وليست بديلا أو منافسا لها كما سوّق البعض".
وشدد قرنفيل في حواره على أن المقاولين الأتراك لديهم واجبات مهمة من حيث البنية التحتية والبنية الفوقية لإعادة إعمار ليبيا، وفي هذه الفترة وبصفتنا رجال أعمال أتراك يجب أن نقف إلى جانب ليبيا وأن نكون قدوة للعالم، وستستمر تركيا في تقديم جميع أنواع المساعدة لتلبية الخدمات العامة التي تحتاجها ليبيا ولتطوير الصناعة، وسنواصل دعم استقرار حكومة الوحدة الوطنية لنصل إلى تنمية حياة الشعب الليبي الشقيق.
وفيما يلي نص الحوار:
بداية ما أهم محاور زيارتكم إلى ليبيا الآن؟
نحن نزور ليبيا خلال هذه الأيام رفقة وفد لتقييم المساهمات التي سنقدمها لهذه البلد من خلال 34 عامًا من الخبرة لدينا، وكذلك لتقييم الوضع الأخير في البلاد ونهدف إلى المساهمة في المشاريع التي قد تعود بالفائدة على كلا البلدين.
كانت لكم تصريحات بخصوص ارتفاع الصادرات التركية إلى ليبيا بنسب كبيرة في الآونة الأخيرة. هل من توضيح بالأرقام؟
في أبريل/نيسان 2021، بلغت صادراتنا إلى ليبيا 263.3 مليون دولار، بزيادة 228% عن نفس الشهر من العام الماضي، فيما بلغت قيمة الصادرات بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2021 ما مجموعه 825.8 مليون دولار، بزيادة نسبتها 58% على أساس سنوي.
والقطاع الخاص التركي متحمس لاستكمال المشروعات التي لم تكتمل بعد في ليبيا، وكذلك المشاركة في مشاريع جديدة. وقد أدى وجود 4 أسعار صرف مختلفة إلى تعطيل الأنشطة التجارية، قبل أن يتحول البلد إلى سعر صرف ثابت اعتبارا من 1 يناير/كانون الثاني 2021 ما دفع برجال الأعمال الأتراك إلى إعادة اهتمامهم بالمنطقة، حيث أدى استقرار سعر الصرف إلى ارتياح المستثمرين، وكل هذه التطورات أدت إلى زيادة صادراتنا.
وهل تولي شخصية اقتصادية مثل الدبيبة رئاسة الحكومة ساهم في ذلك؟
مع حصول حكومة الدبيبة على الثقة من مجلس النواب في مارس/آذار، حققنا ارتفاعا كبيرا في صادراتنا، ونحن نعتبر هذا تطورا مهما من حيث استعادة الاستقرار في ليبيا، إضافة إلى أن زيارة حكومة الدبيبة إلى تركيا في الأشهر الماضية تبعث الأمل في الفترة المقبلة من حيث زيادة حجم التجارة، لأن تطوير التعاون واستمرار سريان الاتفاقيات مهمان للغاية من أجل التنمية في ليبيا.
وما أهم الصادرات التركية إلى ليبيا الآن؟
نصدّر غالبية المنتجات من جميع القطاعات التي تحتاج إليها الدولة في كل المناطق، من الخضراوات والفواكه الطازجة إلى المنتجات الكيماوية والملابس الجاهزة والأثاث والمجوهرات والآلات وقطع الغيار، وكذلك الأجهزة الكهربائية والإلكترونية ومواد البناء، إضافة إلى الحديد والفولاذ والبتروكيماويات ومواد البنية التحتية المعلوماتية إلى الصحة والغذاء.
وفي الآونة الأخيرة، لاحظنا زيادة لافتة في صادرات الحديد والمعادن والأجهزة الإلكترونية والكهربائية والسجاد والحبوب والمنتجات الشبيهة بالحبوب والأثاث والفواكه الطازجة والفواكه المجففة.
تحدثتم عن تأسيس محطة لوجستية في مدينة مصراتة. ماذا في التفاصيل ومتى تدخل حيّز التنفيذ؟
ندرك المزايا الناشئة عن الوضع الجيوسياسي لليبيا، ويجب أن نخطط لإنشاء قاعدة لوجستية في إفريقيا، وهي ستدعم أيضا قناة السويس من وجهة نظر تجارية، ففي يومنا هذا يمر منتج مصدره البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس إلى ميناء جيبوتي ويصل إلى المستهلك بعد رحلة برية طويلة، وإذا كانت الوجهة وسط إفريقيا يصبح النقل أكثر صعوبة.
كل هذه العوامل تتسبب في فترات من شهر إلى شهرين في تسليم المنتجات المصدرة، ومع ذلك فإن ليبيا تبعد عن تركيا مدة 3 أيام عن طريق البحر، والمنتجات التي تنتقل من تركيا إلى ليبيا تكون في إفريقيا في اليوم الرابع إذا تم استخدام شركة الطيران بعد ذلك، وإذا كان الطريق البري مفضلًا فيمكن توصيل المنتجات إلى وسط وشرق وغرب إفريقيا عبر ليبيا في غضون أسبوع واحد، لذا نحن نهتم بمشروع المحطة اللوجيستية هذه من أجل تحقيق هدفنا التصديري البالغ 10 مليارات دولار.
وما العائد بالنسبة إلى الدولة الليبية من هذه القاعدة اللوجستية؟
نتحدث هنا عن مشروع حلم بالنسبة لليبيا، لأن التجارة موجودة في جينات الشعب الليبي، ومع هذه القاعدة يمكن أن تصبح ليبيا أهم دولة في شمال إفريقيا حيث يمكن أن يعيش 100 مليون شخص في رغد واستقرار من الناحية الاقتصادية، ومع زيادة التنمية الاقتصادية سيزداد الاستقرار والأمن في البلاد على نفس المستوى بفضل هذا المشروع، لذا نتوقع أن يواصل البَلَدان أنشطتهما في علاقة يربح فيها الجميع.
وهل تكررون الأمر نفسه من التعاون في الشرق الليبي؟
كرجال أعمال، نؤمن بوحدة التراب الليبي، ونحن مستعدون دائما مع خبرتنا التجارية لمواصلة أنشطتنا من خلال مزج جميع أنواع الفرص التي توفرها الإدارات المحلية أو السلطات الليبية في جميع أنحاء ليبيا بغض النظر عن الشرق أو الغرب أو الجنوب.
سبق وذكرت أنه بإمكان تركيا الوصول بحجم الصادرات إلى ليبيا إلى 10 مليارات دولار قريبا. فما هي خطتكم لبلوغ هذا المستوى؟
كي يستثمر رجال الأعمال الأتراك أكثر في ليبيا، المطلوب تسهيل طلبات التأشيرة بين البلدين ما يجعل الشركات التركية في وضع أقوى، ونحن نواصل جهودنا لزيادة حجم تجارتنا السنوية إلى 5 مليارات دولار على المدى القصير ثم إلى 10 مليارات دولار على المدى الطويل.
وهل كل هذه الأنشطة هدفها مجرّد تعزيز العلاقات الثنائية، أم أنها تشكل بوابة للانفتاح أكثر على القارة السمراء؟
ليبيا بلد شقيق وصديق وحليف مهم جدا لبلادنا، وهو أيضا أحد أهم شركائنا التجاريين في شمال إفريقيا، والصداقة مستمرة ويعود تاريخها إلى سنوات طويلة بسبب علاقاتها السياسية والاقتصادية التي بدأت بعد أن اعترفت تركيا بالدولة الليبية التي تأسست عام 1951، واستمرت مع دخول قطاع المقاولات التركية إلى ليبيا عام 1972، ومع قوة روابطنا السابقة نهدف إلى المساهمة في ليبيا وتعزيز علاقاتنا في إفريقيا من خلاله أيضاً.
وكيف تصبح ليبيا بوابة فعليا للقارة السمراء؟
نعبر في كل فرصة عن أن ليبيا هي بوابة القارة الأفريقية لأننا نستطيع الوصول إلى إفريقيا في وقت أقصر عبر ليبيا ورفع صادراتنا إلى القارة إلى مستويات أعلى، هذه الجغرافيا القيّمة التي بدأ الاستقرار فيها من جديد مفتوحة تماما للاستثمارات، كما أن هذه المنطقة في مثل هذا الوضع الاستراتيجي تخلق فرص عمل للعديد من القطاعات الفرعية، وبفضل القاعدة اللوجيستية التي ذكرتها سابقا، يمكننا بسهولة توصيل منتجاتنا إلى 53 دولة أفريقية وبالتالي إلى عدد سكان يبلغ مليار نسمة.
وهل يمكن أن تكون التجارة وفرص الاستثمار بديل جيد لتنويع مصادر الدخل القومي إضافة إلى النفط؟
موقع ليبيا الجغرافي الاستراتيجي يجعلها بلدا غنيا بالثقافة والتاريخ، فضلاً عن التعدين والسياحة، كما تمتلك العديد من الإمكانات لتكوين مصادر الدخل، ونهدف إلى تحويل هذه الإمكانات إلى استثمار ووضعها في خدمة الشعب الليبي.
كثيرون تحدثوا عن ضرورة إلغاء التأشيرة لرجال الأعمال أو تخفيف الإجراءات بين البلدين. ما الجديد؟
في ليبيا احتياجات متراكمة بسبب الوضع في السنوات العشر الماضية وتحتاج إلى حل سريع، ونحن كمجلس أعمال ومستثمرين أتراك سنواصل المساهمة في الاقتصاد الليبي وتكثيف أنشطتنا من أجل تطوير العلاقات الدبلوماسية التجارية وذلك بفضل علاقاتنا المتعمقة الجذور في الماضي.
إضافة الى الصادرات التركية، ما الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في خلق قطاع صناعة واعد بليبيا وتطوير الصناعات القائمة؟
نتحدث عن بلد لا يوجد فيه استثمار جاد بسبب البيئة المعقدة منذ 10 سنوات وحيث لا يعيش فيه قطاع التصنيع، وإن مستثمرينا الأتراك على دراية جيدة بثقافة إجراء الأعمال التجارية في ليبيا إضافة إلى تعزيز الصادرات.
والمقاولون الأتراك على وجه الخصوص لديهم واجبات مهمة من حيث البنية التحتية والبنية الفوقية لإعادة إعمار ليبيا، وفي هذه الفترة وبصفتنا رجال أعمال أتراك يجب أن نقف إلى جانب ليبيا وأن نكون قدوة للعالم، وستستمر تركيا في تقديم جميع أنواع المساعدة لتلبية الخدمات العامة التي تحتاجها ليبيا ولتطوير الصناعة، وسنواصل دعم استقرار حكومة الوحدة الوطنية لنصل إلى تنمية حياة الشعب الليبي الشقيق.
برأيك ما القطاعات الواعدة في الاقتصاد الليبي، وما هي إمكانات قيام قطاعات صناعية وخدمية قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلي؟
يمكن إدراج المجالات التي يمكن استثمارها بسرعة في ليبيا من خلال الطاقة والصناعات الدفاعية والغذاء وإعادة التدوير والمواد الكيميائية.
من ناحية أخرى، كانت ليبيا بين أكبر 10 مصدّري النفط في العالم باحتياطي 46 مليار برميل في الماضي، ولسوء الحظ فُقد هذا المنصب بسبب المشاكل الداخلية التي عانى منها البلد في السنوات العشر الماضية، إذ توجد رواسب نفطية كبيرة في المنطقة الوسطى من ليبيا، أما شمال البلاد فهو مناسب للسياحة، بينما يبرز الجنوب برواسبه المعدنية.
ونأمل أن يواصل رجال الأعمال الأتراك في ليبيا النجاح الذي حققوه في قطاع المقاولات لمدة 48 عاما في البتروكيماويات والتعدين أيضاً.
تتوافر لدى ليبيا السيولة النقدية، فما الذي ينقصها كي تنهض اقتصاديا؟
لا أرى مشكلة أمنية خطرة في ليبيا، فالمشكلة الرئيسية في المجال الاقتصادي كما ذكرت، وبدأ انتهاء مشكلة نقص الاحتياجات الأساسية بفضل الشركات التركية التي تمت دعوتها لإتمام العمل غير المكتمل، وفي ليبيا تم خلق بيئة آمنة فيها من خلال الاتفاقات المبرمة بين الشرق والغرب والجنوب.